| أوباما بعد إلقاء الخطاب |
القاهرة- فيما يلي نص خطاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي ألقاه الخميس فيالعاصمة المصرية اليوم الخميس ووجهه إلى العالم الإسلامي، نقلا عن رويترز.
"إنه لمن دواعي شرفي أنأزور مدينة القاهرة الأزلية حيث تستضيفني فيها مؤسستان مرموقتان للغايةأحدهما الأزهر الذي بقي لأكثر من ألف سنة منارة العلوم الإسلامية بينماكانت جامعة القاهرة على مدى أكثر من قرن بمثابة منهل من مناهل التقدم فيمصر.
ومعا تمثلان حسن الاتساقوالانسجام ما بين التقاليد والتقدم. وإنني ممتن لكم لحسن ضيافتكم ولحفاوةشعب مصر. كما أنني فخور بنقل أطيب مشاعر الشعب الأمريكي لكم مقرونة بتحيةالسلام من المجتعات المحلية المسلمة في بلدي: "السلام عليكم".
إننا نلتقي في وقت يشوبهالتوتر بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي وهو توتر تمتد جذوره إلىقوى تاريخية تتجاوز أي نقاش سياسي راهن. وتشمل العلاقة ما بين الإسلاموالغرب قرونا سادها حسن التعايش والتعاون كما تشمل هذه العلاقة صراعاتوحروبا دينية.
وساهم الاستعمار خلال العصرالحديث في تغذية التوتر بسبب حرمان العديد من المسلمين من الحقوق والفرصكما ساهم في ذلك الحرب الباردة التي عوملت فيها كثير من البلدان ذاتالأغلبية المسلمة بلا حق كأنها مجرد دول وكيلة لا يجب مراعاة تطلعاتهاالخاصة.
وعلاوة على ذلك حدا التغيير الكاسح الذي رافقته الحداثة والعولمة بالعديد من المسلمين إلى اعتبار الغرب معاديا لتقاليد الإسلام.
لقد استغل المتطرفون الذينيمارسون العنف هذه التوترات في قطاع صغير من العالم الإسلامي بشكل فعال.ثم وقعت أحداث 11 سبتمبر 2001 واستمر هؤلاء المتطرفون في مساعيهم الراميةإلى ارتكاب أعمال العنف ضد المدنيين الأمر الذي حدا بالبعض في بلدي إلىاعتبار الإسلام معاديا لا محالة ليس فقط لأمريكا وللبلدان الغربية وإنماأيضا لحقوق الإنسان. ونتج عن ذلك مزيد من الخوف وعدم الثقة.
هذا وما لم نتوقف عن تحديدمفهوم علاقاتنا المشتركة من خلال أوجه الاختلاف فيما بيننا فإننا سنساهمفي تمكين أولئك الذين يزرعون الكراهية ويرجحونها على السلام ويروجونللصراعات ويرجحونها على التعاون الذي من شأنه أن يساعد شعوبنا على تحقيقالازدهار. هذه هي دائرة الارتياب والشقاق التي يجب علينا إنهاءها.
لقد أتيت إلى هنا للبحث عنبداية جديدة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي استنادا إلى المصلحةالمشتركة والاحترام المتبادل وهي بداية مبنية على أساس حقيقة أن أمريكاوالإسلام لا تعارضان بعضها البعض ولا داعي أبدا للتنافس فيما بينهما بلولهما قواسم ومبادئ مشتركة يلتقيان عبرها ألا وهي مبادئ العدالة والتقدموالتسامح وكرامة كل إنسان.
إنني أقوم بذلك إدراكا منيبأن التغيير لا يحدث بين ليلة وضحاها. ولا يمكن لخطاب واحد أن يلغي سنواتمن عدم الثقة كما لا يمكنني أن أقدم الإجابة على كافة المسائل المعقدةالتي أدت بنا إلى هذه النقطة. غير أنني على يقين من أنه يجب علينا من أجلالمضي قدما أن نعبر بصراحة عما هو في قلوبنا وعما هو لا يقال إلا وراءالأبواب المغلقة.
كما يجب أن يتم بذل جهودمستديمة للاستماع إلى بعضنا البعض وللتعلم من بعضنا البعض والاحترامالمتبادل والبحث عن أرضية مشتركة. وينص القرآن الكريم على ما يلي: (اتقواالله وكونوا مع الصادقين). وهذا ما سوف أحاول بما في وسعي أن أفعله وأنأقول الحقيقة بكل تواضع أمام المهمة التي نحن بصددها اعتقادا مني كلالاعتقاد أن المصالح المشتركة بيننا كبشر هي أقوى بكثير من القوى الفاصلةبيننا.
يعود جزء من اعتقادي هذاإلى تجربتي الشخصية. إنني مسيحي بينما كان والدي من أسرة كينية تشملأجيالا من المسلمين. ولما كنت صبيا قضيت عدة سنوات في إندونيسيا واستمعتإلى الآذان ساعات الفجر والمغرب. ولما كنت شابا عملت في المجتمعات المحليةبمدينة شيكاغو حيث وجد الكثير من المسلمين في عقيدتهم روح الكرامة والسلام.
إنني أدرك بحكم دارستيللتاريخ أن الحضارة مدينة للإسلام الذي حمل معه في أماكن مثل جامعة الأزهرنور العلم عبر قرون عدة الأمر الذي مهد الطريق أمام النهضة الأوروبية وعصرالتنوير.
ونجد روح الابتكار الذي سادالمجتمعات الإسلامية وراء تطوير علم الجبر وكذلك البوصلة المغناطسيةوأدوات الملاحة وفن الأقلام والطباعة بالإضافة إلى فهمنا لانتشار الأمراضوتوفير العلاج المناسب لها. حصلنا بفضل الثقافة الإسلامية على أروقة عظيمةوقمم مستدقة عالية الارتفاع وكذلك على أشعار وموسيقى خالدة الذكر وفن الخطالراقي وأماكن التأمل السلمي. وأظهر الإسلام على مدى التاريخ قلبا وقالباالفرص الكامنة في التسامح الديني والمساواة ما بين الأعراق.
أعلم كذلك أن الإسلام كان دائما جزءا لا يتجزأ من قصة أمريكا حيث كان المغرب هو أول بلد اعترف بالولايات المتحدة الأمريكية.
وبمناسبة قيام الرئيسالأمريكي الثاني جون أدامس عام 1796 بالتوقيع على معاهدة طرابلس فقد كتبذلك الرئيس أن "الولايات المتحدة لا تكن أي نوع من العداوة تجاه قوانين أوديانة المسلمين أو حتى راحتهم".
منذ عصر تأسيس بلدنا ساهمالمسلمون الأمريكان في إثراء الولايات المتحدة. لقد قاتلوا في حروبناوخدموا في المناصب الحكومية ودافعوا عن الحقوق المدنية وأسسوا المؤسساتالتجارية كما قاموا بالتدريس في جامعاتنا وتفوقوا في الملاعب الرياضيةوفازوا بجوائز نوبل وبنوا أكثر عماراتنا ارتفاعا وأشعلوا الشعلةالأولمبية. وعندما تم أخيرا انتخاب أول مسلم أمريكي إلى الكونغرس فقام ذلكالنائب بأداء اليمين الدستورية مستخدما في ذلك نفس النسخة من القرآنالكريم التي احتفظ بها أحد آبائنا المؤسسين توماس جيفرسون في مكتبتهالخاصة.
إنني إذن تعرفت على الإسلام في قارات ثلاث قبل مجيئي إلى المنطقة التي نشأ فيها الإسلام.
ومن منطلق تجربتي الشخصيةاستمد اعتقادي بأن الشراكة بين أمريكا والإسلام يجب أن تستند إلى حقيقةالإسلام وليس إلى ما هو غير إسلامي وأرى في ذلك جزءا من مسؤوليتي كرئيسللولايات المتحدة حتى أتصدى للصور النمطية السلبية عن الإسلام أينما ظهرت.
لكن نفس المبدأ يجب أنينطبق على صورة أمريكا لدى الآخرين ومثلما لا تنطبق على المسلمين الصورةالنمطية البدائية فإن الصورة النمطية البدائية للإمبراطورية التي لا تهتمإلا بمصالح نفسها لا تنطبق على أمريكا. وكانت الولايات المتحدة أحد أكبرالمناهل للتقدم عبر تاريخ العالم. وقمنا من ثورة ضد إحدى الإمبراطورياتوأسست دولتنا على أساس مثال مفاده أن جميع البشر قد خلقوا سواسية كما سالتدماؤنا في الصراعات عبر القرون لإضفاء المعنى على هذه الكلمات بداخلحدودنا وفي مختلف أرجاء العالم. وقد ساهمت كافة الثقافات من كل أنحاءالكرة الأرضية في تكويننا تكريسا لمفهوم بالغ البساطة باللغة اللاتينية:من الكثير واحد.
لقد تم تعليق أهمية كبيرةعلى إمكانية انتخاب شخص من أصل أمريكي إفريقي يدعى باراك حسين أوباما إلىمنصب الرئيس. ولكن قصتي الشخصية ليست فريدة إلى هذا الحد. ولم يتحقق حلمالفرص المتاحة للجميع بالنسبة لكل فرد في أمريكا ولكن الوعد هو قائمبالنسبة لجميع من يصل إلى شواطئنا ويشمل ذلك ما يضاهي سبعة ملايين منالمسلمين الأمريكان في بلدنا اليوم. ويحظى المسلمون الأمريكان بدخل ومستوىللتعليم يعتبران أعلى مما يحظى به معدل السكان.
علاوة على ذلك لا يمكن فصلالحرية في أمريكا عن حرية إقامة الشعائر الدينية. كما أن ذلك السبب وراءوجود مسجد في كل ولاية من الولايات المتحدة ووجود أكثر من 1200 مسجد داخلحدودنا. وأيضا السبب وراء خوض الحكومة الأمريكية إجراءات المقاضاة من أجلصون حق النساء والفتيات في ارتداء الحجاب ومعاقبة من يتجرأ على حرمانهن منذلك الحق.
ليس هناك أي شك من أنالإسلام هو جزء لا يتجزأ من أمريكا. وأعتقد أن أمريكا تمثل التطلعاتالمشتركة بيننا جميعا بغض النظر عن العرق أو الديانة أو المكانةالاجتماعية: ألا وهي تطلعات العيش في ظل السلام والأمن والحصول علىالتعليم والعمل بكرامة والتعبير عن المحبة التي نكنها لعائلاتناومجتمعاتنا وكذلك لربنا. هذه هي قواسمنا المشتركة وهي تمثل أيضا آمالالبشرية جمعاء.
يمثل إدراك أوجه الإنسانيةالمشتركة فيما بيننا بطبيعة الحال مجرد البداية لمهمتنا. إن الكلماتلوحدها لا تستطيع سد احتياجات شعوبنا ولن نسد هذه الاحتياجات إلا إذاعملنا بشجاعة على مدى السنين القادمة وإذا أدركنا حقيقة أن التحديات التينواجهها هي تحديات مشتركة وإذا أخفقنا في التصدي لها سوف يلحق ذلك الأذىبنا جميعا.
لقد تعلمنا من تجاربناالأخيرة ما يحدث من إلحاق الضرر بالرفاهية في كل مكان إذا ضعف النظامالمالي في بلد واحد. وإذا أصيب شخص واحد بالإنفلونزا فيعرض ذلك الجميعللخطر. وإذا سعى بلد واحد وراء امتلاك السلاح النووي فيزداد خطر وقوع هجومنووي بالنسبة لكل الدول. وعندما يمارس المتطرفون العنف في منطقة جبليةواحدة يعرض ذلك الناس من وراء البحار للخطر. وعندما يتم ذبح الأبرياء فيدارفور والبوسنة يسبب ذلك وصمة في ضميرنا المشترك. هذا هو معنى التشارك فيهذا العالم بالقرن الحادي والعشرين وهذه هي المسؤولية التي يتحملها كل مناتجاه الآخر كأبناء البشرية.
إنها مسؤولية تصعبمباشرتها، وكان تاريخ البشرية في كثير من الأحيان بمثابة سجل من الشعوبوالقبائل التي قمعت بعضها البعض لخدمة تحقيق مصلحتها الخاصة. ولكن فيعصرنا الحديث تؤدي مثل هذه التوجهات إلى إلحاق الهزيمة بالنفس ونظرا إلىالاعتماد الدولي المتبادل فأي نظام عالمي يعلي شعبا أو مجموعة من البشرفوق غيرهم سوف يبوء بالفشل لا محالة. وبغض النظر عن أفكارنا حول أحداثالماضي فلا يجب أن نصبح أبدا سجناء لأحداث قد مضت. إنما يجب معالجةمشاكلنا بواسطة الشراكة كما يجب أن نحقق التقدم بصفة مشتركة.
لا يعني ذلك بالنسبة لنا أننفضل التغاضي عن مصادر التوتر وفي الحقيقة فإن العكس هو الأرجح: يجب علينامجابهة هذه التوترات بصفة مفتوحة. واسمحوا لي انطلاقا من هذه الروح أنأتطرق بمنتهى الصراحة وأكبر قدر ممكن من البساطة إلى بعض الأمور المحددةالتي أعتقد أنه يتعين علينا مواجهتها في نهاية المطاف بجهد مشترك.
إن المسألة الأولى التي يجب أن نجابهها هي التطرف العنيف بكافة أشكاله.
وقد صرحت بمدينة أنقرة بكلوضوح أن أمريكا ليست ولن تكون أبدا في حالة حرب مع الإسلام. وعلى أية حالسوف نتصدى لمتطرفي العنف الذين يشكلون تهديدا جسيما لأمننا. والسبب هوأننا نرفض ما يرفضه أهل كافة المعتقدات: قتل الأبرياء من الرجال والنساءوالأطفال. ومن واجباتي كرئيس أن أتولى حماية الشعب الأمريكي.
يبين الوضع في أفغانستانأهداف أمريكا وحاجتنا إلى العمل المشترك. وقبل أكثر من سبع سنوات قامتالولايات المتحدة بملاحقة تنظيم القاعدة ونظام طالبان بدعم دولي واسعالنطاق. لم نذهب إلى هناك باختيارنا وإنما بسبب الضرورة. إنني على وعيبالتساؤلات التي يطرحها البعض بالنسبة لأحداث 11 سبتمبر أو حتى تبريرهملتلك الأحداث. ولكن دعونا أن نكون صريحين: قام تنظيم القاعدة بقتل مايضاهي 3000 شخص في ذلك اليوم. وكان الضحايا من الرجال والنساء والأطفالالأبرياء. ورغم ذلك اختارت القاعدة بلا ضمير قتل هؤلاء الأبرياء وتباهتبالهجوم وأكدت إلى الآن عزمها على ارتكاب القتل مجددا وبأعداد ضخمة.
إن هناك للقاعدة من ينتسبون لها في عدة بلدان وممن يسعون إلى توسعة نطاق أنشطتهم.
وما أقوله ليس بآراء قابلة للنقاش وإنما هي حقائق يجب معالجتها.
ولا بد أن تكونوا على علمبأننا لا نريد من جيشنا أن يبقى في أفغانستان ولا نسعى لإقامة قواعدعسكرية هناك. خسائرنا بين الشباب والشابات هناك تسبب لأمريكا بالغ الأذى.كما يسبب استمرار هذا النزاع تكاليف باهظة ومصاعب سياسية جمة. ونريد بكلسرور أن نرحب بكافة جنودنا وهم عائدون إلى الوطن إذا استطعنا أن نكونواثقين من عدم وجود متطرفي العنف في كل من أفغانستان وباكستان والذينيحرصون على قتل أكبر عدد ممكن من الأمريكيين.
ورغم ذلك كله لن تشهدأمريكا أي حالة من الضعف لإرادتها. ولاينبغي على أحد منا أن يتسامح معأولئك المتطرفين. لقد مارسوا القتل في كثير من البلدان. لقد قتلوا أبناءمختلف العقائد ومعظم ضحاياهم من المسلمين. إن أعمالهم غير متطابقة علىالإطلاق مع كل من حقوق البشر وتقدم الأمم والإسلام. وينص القرآن الكريمعلى أن "من قتل نفسا بغير حق أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومنأحياها فكأنما أحيا الناس جميعا" ولا شك أن العقيدة التي يتحلى بها أكثرمن مليار مسلم تفوق عظمتها بشكل كبير الكراهية الضيقة التي يكنها البعض.إن الإسلام ليس جزءا من المشكلة المتلخصة في مكافحة التطرف العنيف وإنمايجب أن يكون الإسلام جزءا من حل هذه المشكلة.
علاوة على ذلك نعلم أنالقوة العسكرية وحدها لن تكفي لحل المشاكل في كل من أفغانستان وباكستان.ولذلك وضعنا خطة لاستثمار 1.5 مليار دولار سنويا على مدى السنوات الخمسالقادمة لإقامة شراكة مع الباكستانيين لبناء المدارس والمستشفيات والطرقوالمؤسسات التجارية وكذلك توفير مئات الملايين لمساعدة النازحين. وهذاأيضا السبب وراء قيامنا بتخصيص ما يربو على 2.8 مليار دولار لمساعدةالأفغان على تنمية اقتصادهم وتوفير خدمات يعتمد عليها الشعب.
اسمحوا لي أيضا أن أتطرقإلى موضوع العراق. لقد اختلف الوضع هناك عن الوضع في أفغانستان حيث وقعالقرار بحرب العراق بصفة اختيارية مما أثار خلافات شديدة سواء في بلدي أوفي الخارج. ورغم اعتقادي بأن الشعب العراقي في نهاية المطاف هو الطرفالكاسب في معادلة التخلص من الطاغية صدام حسين إلا أنني أعتقد أيضا أنأحداث العراق قد ذكرت أمريكا بضرورة استخدام الدبلوماسية لتسوية مشاكلناكلما كان ذلك ممكنا. وفي الحقيقة فإننا نستذكر كلمات أحد كبار رؤسائناتوماس جيفرسون الذي قال "إنني أتمنى أن تنمو حكمتنا بقدر ما تنمو قوتناوأن تعلمنا هذه الحكمة درسا مفاده أن القوة ستزداد عظمة كلما قلاستخدامها."
تتحمل أمريكا اليوم مسؤوليةمزدوجة تتلخص في مساعدة العراق على بناء مستقبل أفضل وترك العراقللعراقيين. إنني أوضحت للشعب العراقي أننا لا نسعى لإقامة أية قواعد فيالعراق أو لمطالبة العراق بأي من أراضيه أو موارده. يتمتع العراق بسيادتهالخاصة به بمفرده. لذا أصدرت الأوامر بسحب الوحدات القتالية مع حلول شهرأغسطس القادم ولذا سوف نحترم الاتفاق المبرم مع الحكومة العراقية المنتخبةبأسلوب ديمقراطي والذي يقتضي سحب القوات القتالية من المدن العراقية بحلولشهر يوليو وكذلك سحب جميع قواتنا بحلول عام 2012. سوف نساعد العراق علىتدريب قواته الأمنية وتنمية اقتصاده. ولكننا سنقدم الدعم للعراق الآمنوالموحد بصفتنا شريكا له وليس بصفة الراعي.
وأخيرا مثلما لا يمكنلأمريكا أن تتسامح مع عنف المتطرفين فلا يجب علينا أن نقوم بتغيير مبادئناأبدا. قد ألحقت أحداث 11 سبتمبر إصابة ضخمة ببلدنا حيث يمكن تفهم مدىالخوف والغضب الذي خلفته تلك الأحداث ولكن في بعض الحالات أدى ذلك إلىالقيام بأعمال تخالف مبادئنا. إننا نتخذ إجراءات محددة لتغيير الاتجاه.وقد قمت بمنع استخدام أساليب التعذيب من قبل الولايات المتحدة منعا باتاكما أصدرت الأوامر بإغلاق السجن في خليج غوانتانامو مع حلول مطلع العامالقادم.
نحن في أمريكا سوف ندافع عنأنفسنا محترمين في ذلك سيادة الدول وحكم القانون. وسوف نقوم بذلك في إطارالشراكة بيننا وبين المجتمعات الإسلامية التي يحدق بها الخطر أيضا لأنناسنحقق مستوى أعلى من الأمن في وقت أقرب إذا نجحنا بصفة سريعة في عزلالمتطرفين مع عدم التسامح لهم داخل المجتمعات الإسلامية.
أما المصدر الرئيسي الثاني للتوتر الذي أود مناقشته هو الوضع ما بين الإسرائيليين والفلسطينيين والعالم العربي.
إن متانة الأواصر الرابطةبين أمريكا وإسرائيل معروفة على نطاق واسع. ولا يمكن قطع هذه الأواصر أبداوهي تستند إلى علاقات ثقافية وتاريخية وكذلك الاعتراف بأن رغبة اليهود فيوجود وطن خاص لهم هي رغبة متأصلة في تاريخ مأساوي لا يمكن لأحد نفيه.
لقد تعرض اليهود على مرالقرون للاضطهاد وتفاقمت أحوال معاداة السامية في وقوع المحرقة التي لميسبق لها عبر التاريخ أي مثيل. وإنني سوف أقوم غدا بزيارة معسكر بوخنفالدالذي كان جزءا من شبكة معسكرات الموت التي استخدمت لاسترقاق وتعذيب وقتلاليهود رميا بالأسلحة النارية وتسميما بالغازات. لقد تم قتل 6 ملايين مناليهود يعني أكثر من إجمالي عدد اليهود بين سكان إسرائيل اليوم. إن نفيهذه الحقيقة هو أمر لا أساس له وينم عن الجهل وبالغ الكراهية. كما أنتهديد إسرائيل بتدميرها أو تكرار الصور النمطية الحقيرة عن اليهود هماأمران ظالمان للغاية ولا يخدمان إلا غرض استحضار تلك الأحدث الأكثر إيذاءاإلى أذهان الإسرائيليين وكذلك منع حلول السلام الذي يستحقه سكان هذهالمنطقة.
أما من ناحية أخرى فلا يمكننفي أن الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين قد عانوا أيضا في سعيهم إلى إقامةوطن خاص لهم. وقد تحمل الفلسطينيون آلام النزوح على مدى أكثر من 60 سنةحيث ينتظر العديد منهم في الضفة الغربية وغزة والبلدان المجاورة لكييعيشوا حياة يسودها السلام والأمن هذه الحياة التي لم يستطيعوا عيشها حتىالآن. يتحمل الفلسطينيون الإهانات اليومية صغيرة كانت أم كبيرة والتي هيناتجة عن الاحتلال. وليس هناك أي شك من أن وضع الفلسطينيين لا يطاق ولنتدير أمريكا ظهرها عن التطلعات المشروعة للفلسطينيين ألا وهي تطلعاتالكرامة ووجود الفرص ودولة خاصة بهم.
لقد استمرت حالة الجمودلعشرات السنوات: شعبان لكل منهما طموحاته المشروعة ولكل منهما تاريخ مؤلميجعل من التراضي أمرا صعب المنال. إن توجيه اللوم أمر سهل إذ يشيرالفلسطينيون إلى تأسيس دولة إسرائيل وما أدت إليه من تشريد للفلسطينيينويشير الإسرائيليون إلى العداء المستمر والاعتداءات التي يتعرضون لها داخلحدود إسرائيل وخارج هذه الحدود على مدى التاريخ. ولكننا إذا نظرنا إلىهذا الصراع من هذا الجانب أو من الجانب الآخر فإننا لن نتمكن من رؤيةالحقيقة: لأن السبيل الوحيد للتوصل إلى تحقيق طموحات الطرفين يكون من خلالدولتين يستطيع فيهما الإسرائيليون والفلسطينيون أن يعيشوا في سلام وأمن.
إن هذا السبيل يخدم مصلحةإسرائيل ومصلحة فلسطين ومصلحة أمريكا ولذلك سوف أسعى شخصياً للوصول إلىهذه النتيجة متحليا بالقدر اللازم من الصبر الذي تقتضيه هذه المهمة.
إن الالتزامات التي وافقعليها الطرفان بموجب خريطة الطريق هي التزامات واضحة. لقد آن الأوان منأجل إحلال السلام لكي يتحمل الجانبان مسؤولياتهما، ولكي نتحمل جميعنامسؤولياتنا كذلك.
يجب على الفلسطينيين أنيتخلوا عن العنف إن المقاومة عن طريق العنف والقتل أسلوب خاطئ ولا يؤديإلى النجاح. لقد عانى السود في أمريكا طوال قرون من الزمن من سوطالعبودية ومن مهانة التفرقة والفصل بين البيض والسود ولكن العنف لم يكنالسبيل الذي مكنهم من الحصول على حقوقهم الكاملة والمتساوية بل كان السبيلإلى ذلك إصرارهم وعزمهم السلمي على الالتزام بالمثل التي كانت بمثابةالركيزة التي اعتمد عليها مؤسسو أمريكا وهذا هو ذات التاريخ الذي شاهدتهشعوب كثيرة تشمل شعب جنوب أفريقيا وجنوب آسيا وأوروبا الشرقية وأندونيسيا.
وينطوي هذا التاريخ علىحقيقة بسيطة ألا وهي أن طريق العنف طريق مسدود وأن إطلاق الصواريخ علىالأطفال الإسرائيليين في مضاجعهم أو تفجير حافلة على متنها سيدات مسنات لايعبر عن الشجاعة أو عن القوة ولا يمكن اكتساب سلطة التأثير المعنوي عنطريق مثل هذه الأعمال إذ يؤدي هذا الأسلوب إلى التنازل عن هذه السلطة.
والآن على الفلسطينيينتركيز اهتمامهم على الأشياء التي يستطيعون إنجازها ويجب على السلطةالفلسطينية تنمية قدرتها على ممارسة الحكم من خلال مؤسسات تقدم خدماتللشعب وتلبي احتياجاته إن تنظيم حماس يحظى بالدعم من قبل بعض الفلسطينيينولكنه يتحمل مسؤوليات كذلك ويتعين على تنظيم حماس حتى يؤدي دوره في تلبيةطموحات الفلسطينيين وتوحيد الشعب الفلسطيني أن يضع حداً للعنف وأن يعترفبالاتفاقات السابقة وأن يعترف بحق إسرائيل في البقاء.
وفي نفس الوقت يجب علىالإسرائيليين الإقرار بأن حق فلسطين في البقاء هو حق لا يمكن إنكاره مثلمالا يمكن إنكار حق إسرائيل في البقاء. إن الولايات المتحدة لا تقبل مشروعيةمن يتحدثون عن إلقاء إسرائيل في البحر كما أننا لا نقبل مشروعية استمرارالمستوطنات الإسرائيلية. إن عمليات البناء هذه تنتهك الاتفاقات السابقةوتقوض من الجهود المبذولة لتحقيق السلام. لقد آن الأوان لكي تتوقف هذهالمستوطنات.
كما يجب على إسرائيل أن تفيبالتزاماتها لتأمين تمكين الفلسطينيين من أن يعيشوا ويعملوا ويطوروامجتمعهم. لأن أمن إسرائيل لا يتوفر عن طريق الأزمة الإنسانية في غزة التيتصيب الأسر الفلسطينية بالهلاك أو عن طريق انعدام الفرص في الضفةالغربية. إن التقدم في الحياة اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني يجبأن يكون جزءا من الطريق المؤدي للسلام ويجب على إسرائيل أن تتخذ خطواتملموسة لتحقيق مثل هذا التقدم.
وأخيرا يجب على الدولالعربية أن تعترف بأن مبادرة السلام العربية كانت بداية هامة وأنمسؤولياتها لا تنتهي بهذه المبادرة كما ينبغي عليها أن لا تستخدم الصراعبين العرب وإسرائيل لإلهاء الشعوب العربية عن مشاكلها الأخرى بل يجب أنتكون هذه المبادرة
سببا لحثهم على العمللمساعدة الشعب الفلسطيني على تطوير مؤسساته التي سوف تعمل على مساندةالدولة الفلسطينية ومساعدة الشعب الفلسطيني على الاعتراف بشرعية إسرائيلواختيار سبيل التقدم بدلا من السبيل الانهزامي الذي يركز الاهتمام علىالماضي.
سوف تنسق أمريكا سياساتنامع سياسات أولئك الذين يسعون من أجل السلام وسوف تكون تصريحاتنا التي تصدرعلنا هي ذات التصريحات التي نعبر عنها في اجتماعاتنا الخاصة معالإسرائيليين والفلسطينيين والعرب إننا لا نستطيع أن نفرض السلام ويدرككثيرون من المسلمين في قرارة أنفسهم أن إسرائيل لن تختفي وبالمثل يدركالكثيرون من الإسرائيليين أن دولة فلسطينية أمر ضروري. لقد آن الأوانللقيام بعمل يعتمد على الحقيقة التي يدركها الجميع.
لقد تدفقت دموع الكثيرينوسالت دماء الكثيرين وعلينا جميعا تقع مسئولية العمل من أجل ذلك اليومالذي تستطيع فيه أمهات الإسرائيليين والفلسطينيين مشاهدة أبنائهم يتقدمونفي حياتهم دون خوف وعندما تصبح الأرض المقدسة التي نشأت فيها الأديانالثلاثة العظيمة مكانا للسلام الذي أراده الله لها، وعندما تصبح مدينةالقدس وطنا دائما لليهود والمسيحيين والمسلمين المكان الذي يستطيع فيهأبناء سيدنا إبراهيم عليه السلام أن يتعايشوا في سلام تماما كما ورد فيقصة الإسراء عندما أقام الأنبياء موسى وعيسىومحمد سلام الله عليهم الصلاة معا.
إن المصدر الثالث للتوتر يتعلق باهتمامنا المشترك بحقوق الدول ومسئولياتها بشأن الأسلحة النووية.
لقد كان هذا الموضوع مصدراللتوتر الذي طرأ مؤخرا على العلاقات بين الولايات المتحدة وجمهورية إيرانالإسلامية التي ظلت لسنوات كثيرة تعبر عن هويتها من خلال موقفها المناهضلبلدي والتاريخ بين بلدينا تاريخ عاصف بالفعل إذ لعبت الولايات المتحدة فيإبان فترة الحرب الباردة دورا في الإطاحة بالحكومة الإيرانية المنتخبةبأسلوب ديمقراطي.
أما إيران فإنها لعبت دورامنذ قيام الثورة الإسلامية في أعمال اختطاف الرهائن وأعمال العنف ضدالقوات والمدنيين الأمريكيين. هذا التاريخ تاريخ معروف. لقد أعلنت بوضوحلقادة إيران وشعب إيران أن بلدي بدلا من أن يتقيد بالماضي يقف مستعداللمضي قدما. والسؤال المطروح الآن لا يتعلق بالأمور التي تناهضها إيرانولكنه يرتبط بالمستقبل الذي تريد إيران أن تبنيه.
إن التغلب على فقدان الثقةالذي استمر لعشرات السنوات سوف يكون صعبا ولكننا سوف نمضي قدما مسلحينبالشجاعة واستقامة النوايا والعزم سيكون هناك الكثير من القضايا التيسيناقشها البلدان ونحن مستعدون للمضي قدما دون شروط مسبقة على أساسالاحترام المتبادل. إن الأمر الواضح لجميع المعنيين بموضوع الأسلحةالنووية أننا قد وصلنا إلى نقطة تتطلب الحسم وهي ببساطة لا ترتبط بمصالحأمريكا ولكنها ترتبط بمنع سباق للتسلح النووي قد يدفع بالمنطقة إلى طريقمحفوف بالمخاطر ويدمر النظام العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية.
إنني مدرك أن البعض يعترضعلى حيازة بعض الدول لأسلحة لا توجد مثلها لدى دول أخرى ولا ينبغي على أيةدولة أن تختار الدول التي تملك أسلحة نووية وهذا هو سبب قيامي بالتأكيدمجددا وبشدة على التزام أمريكا بالسعي من أجل عدم امتلاك أي من الدولللأسلحة النووية وينبغي على أية دولة بما في ذلك إيران أن يكون لها حقالوصول إلى الطاقة النووية السلمية إذا امتثلت لمسؤولياتها بموجب معاهدةمنع انتشار الأسلحة النووية وهذا الالتزام هو التزام جوهري في المعاهدةويجب الحفاظ عليه من أجل جميع الملتزمين به.
إن الموضوع الرابع الذي أريد أن أتطرق إليه هو الديمقراطية.
إن نظام الحكم الذي يسمعصوت الشعب ويحترم حكم القانون وحقوق جميع البشر هو النظام الذي أؤمن بهوأعلم أن جدلا حول تعزيز الديمقراطية وحقوق جميع البشر كان يدور خلالالسنوات الأخيرة وأن جزءا كبيرا من هذا الجدل كان متصلا بالحرب في العراق.
إسمحوا لي أن أتحدث بوضوح وأقول ما يلي: لا يمكن لأية دولة ولا ينبغي على أية دولة أن تفرض نظاما للحكم على أية دولة أخرى.
ومع ذلك لن يقلل ذلك منالتزامي تجاه الحكومات التي تعبر عن إرادة الشعب حيث يتم التعبير عن هذاالمبدأ في كل دولة وفقا لتقاليد شعبها. إن أمريكا لا تفترض أنها تعلم ماهو أفضل شيء بالنسبة للجميع كما أننا لا نفترض أن تكون نتائج الانتخاباتالسلمية هي النتائج التي نختارها ومع ذلك يلازمني اعتقاد راسخ أن جميعالبشر يتطلعون لامتلاك قدرة التعبير عن أفكارهم وآرائهم في أسلوب الحكمالمتبع في بلدهم ويتطلعون للشعور بالثقة في حكم القانون وفي الالتزامبالعدالة والمساواة في تطبيقه، ويتطلعون كذلك لشفافية الحكومة وامتناعهاعن نهب أموال الشعب ويتطلعون لحرية اختيار طريقهم في الحياة. إن هذهالأفكار ليست أفكارا أمريكية فحسب بل هي حقوق إنسانية وهي لذلك الحقوقالتي سوف ندعمها في كل مكان.
لا يوجد طريق سهل ومستقيملتلبية هذا الوعد ولكن الأمر الواضح بالتأكيد هو أن الحكومات التي تحميهذه الحقوق هي في نهاية المطاف الحكومات التي تتمتع بقدر أكبر منالاستقرار والنجاح والأمن. إن قمع الأفكار لا ينجح أبدا في القضاء عليها.إن أمريكا تحترم حق جميع من يرفعون أصواتهم حول العالم للتعبير عن آرائهمبأسلوب سلمي يراعي القانون حتى لو كانت آراؤهم مخالفة لآرائنا وسوف نرحببجميع الحكومات السلمية المنتخبة شرط أن تحترم جميع أفراد الشعب فيممارستها للحكم.
هذه النقطة لها أهميتها لأنالبعض لا ينادون بالديمقراطية إلا عندما يكونون خارج مراكز السلطة ولايرحمون الغير في ممارساتهم القمعية لحقوق الآخرين عند وصولهم إلى السلطة.
إن الحكومة التي تتكون منأفراد الشعب وتدار بواسطة الشعب هي المعيار الوحيد لجميع من يشغلون مراكزالسلطة بغض النظر عن المكان الذي تتولى فيه مثل هذه الحكومة ممارسةمهامها: إذ يجب على الحكام أن يمارسوا سلطاتهم من خلال الاتفاق في الرأيوليس عن طريق الإكراه ويجب على الحكام أن يحترموا حقوق الأقليات وأن يعطوامصالح الشعب الأولوية على مصالح الحزب الذي ينتمون إليه.
أما الموضوع الخامس الذي يجب علينا الوقوف أمامه معا فهو موضوع الحرية الدينية.
إن التسامح تقليد عريق يفخربه الإسلام. لقد شاهدت بنفسي هذا التسامح عندما كنت طفلا في أندونيسيا إذكان المسيحيون في ذلك البلد الذي يشكل فيه المسلمون الغالبية يمارسونطقوسهم الدينية بحرية. إن روح التسامح التي شاهدتها هناك هي ما نحتاجهاليوم إذ يجب أن تتمتع الشعوب في جميع البلدان بحرية اختيار العقيدةوأسلوب الحياة القائم على ما تمليه عليهم عقولهم وقلوبهم وأرواحهم بغضالنظر عن العقيدة التي يختارونها لأنفسهم لأن روح التسامح هذه ضروريةلازدهار الدين ومع ذلك تواجه روح التسامح هذه تحديات مختلفة.
ثمة توجه في بعض أماكنالعالم الإسلامي ينزع إلى تحديد قوة عقيدة الشخص وفقا لموقفه الرافضلعقيدة الآخر. إن التعددية الدينية هي ثروة يجب الحفاظ عليها ويجب أن يشملذلك الموارنة في لبنان أو الأقباط في مصر ويجب إصلاح خطوط الانفصال فيأوساط المسلمين كذلك لأن الانقسام بين السنيين والشيعيين قد أدى إلى عنفمأساوي ولا سيما في العراق.
إن الحرية الدينية هيالحرية الأساسية التي تمكن الشعوب من التعايش ويجب علينا دائما أن نفحصالأساليب التي نتبعها لحماية هذه الحرية فالقواعد التي تنظم التبرعاتالخيرية في الولايات المتحدة على سبيل المثال أدت إلى تصعيب تأدية فريضةالزكاة بالنسبة للمسلمين وهذا هو سبب التزامي بالعمل مع الأمريكيينالمسلمين لضمان تمكينهم من تأدية فريضة الزكاة.
وبالمثل من الأهمية بمكانأن تمتنع البلدان الغربية عن وضع العقبات أمام المواطنين المسلمين لمنعهممن التعبير عن دينهم على النحو الذي يعتبرونه مناسبا فعلى سبيل المثال عنطريق فرض الثياب التي ينبغي على المرأة المسلمة أن ترتديها. إننا ببساطةلا نستطيع التظاهر بالليبرالية عن طريق التستر على معاداة أي دين.
ينبغي أن يكون الإيمانعاملا للتقارب فيما بيننا ولذلك نعمل الآن على تأسيس مشاريع جديدة تطوعيةفي أمريكا من شأنها التقريب فيما بين المسيحيين والمسلمين واليهود.
إننا لذلك نرحب بالجهودالمماثلة لمبادرة جلالة الملك عبد الله المتمثلة في حوار الأديان كما نرحببالموقف الريادي الذي اتخذته تركيا في تحالف الحضارات. إننا نستطيع أننقوم بجهود حول العالم لتحويل حوار الأديان إلى خدمات تقدمها الأديان يكونمن شأنها بناء الجسور التي تربط بين الشعوب وتؤدي بهم إلى تأدية أعمالتدفع إلى الأمام عجلة التقدم لجهودنا الإنسانية المشتركة سواء كان ذلك فيمجال مكافحة الملاريا في أفريقيا أو توفير الإغاثة في أعقاب كارثة طبيعية.
إن الموضوع السادس الذي أريد التطرق إليه هو موضوع حقوق المرأة.
أعلم أن الجدل يدور حول هذاالموضوع وأرفض الرأي الذي يعبر عنه البعض في الغرب ويعتبر المرأة التيتختار غطاء لشعرها أقل شأنا من غيرها ولكنني أعتقد أن المرأة التي تحرم منالتعليم تحرم كذلك من المساواة. إن البلدان التي تحصل فيها المرأة علىتعليم جيد
هي غالبا بلدان تتمتع بقدر أكبر من الرفاهية وهذا ليس من باب الصدفة.
اسمحوا لي أن أتحدث بوضوح:إن قضايا مساواة المرأة ليست ببساطة قضايا للإسلام وحده لقد شاهدنا بلداناغالبية سكانها من المسلمين مثل تركيا وباكستان وبنجلادش وإندونيسيا تنتخبالمرأة لتولي قيادة البلد. وفي نفس الوقت يستمر الكفاح من أجل تحقيقالمساواة للمرأة في بعض جوانب الحياة الأمريكية وفي بلدان العالم ولذلكسوف تعمل الولايات المتحدة مع أي بلد غالبية سكانه من المسلمين من خلالشراكة لدعم توسيع برامج محو الأمية للفتيات ومساعدتهن على السعي في سبيلالعمل عن طريق توفير التمويل الأصغر الذي يساعد الناس على تحقيق أحلامهم.
باستطاعة بناتنا تقديممساهمات إلى مجتمعاتنا تتساوى مع ما يقدمه لها أبناؤنا وسوف يتم تحقيقالتقدم في رفاهيتنا المشتركة من خلال إتاحة الفرصة لجميع الرجال والنساءلتحقيق كل ما يستطيعون تحقيقه من إنجازات. أنا لا أعتقد أن على المرأة أنتسلك ذات
الطريق الذي يختاره الرجللكي تحقق المساواة معه كما أحترم كل إمرأة تختار ممارسة دورا تقليديا فيحياتها ولكن هذا الخيار ينبغي أن يكون للمرأة نفسها.
وأخيرا أريد أن أتحدث عن التنمية الاقتصادية وتنمية الفرص.
أعلم أن الكثيرين يشاهدونتناقضات في مظاهر العولمة لأن شبكة الإنترنت وقنوات التليفزيون لديهاقدرات لنقل المعرفة والمعلومات ولديها كذلك قدرات لبث مشاهد جنسية منفرةوفظة وعنف غير عقلاني وباستطاعة التجارة أن تأتي بثروات وفرص جديدة ولكنهافي ذات الوقت تحدث في المجتمعات اختلالات وتغييرات كبيرة وتأتي مشاعرالخوف في جميع البلدان حتى في بلدي مع هذه التغييرات وهذا الخوف هو خوف منأن تؤدي الحداثة إلى فقدان السيطرة على خياراتنا الاقتصادية وسياساتناوالأهم من ذلك على هوياتنا وهي الأشياء التي نعتز بها في مجتمعاتنا وفيأسرنا وفي تقاليدنا وفي عقيدتنا.
ولكني أعلم أيضا أن التقدمالبشري لا يمكن إنكاره، فالتناقض بين التطور والتقاليد ليس أمرا ضروريا إذتمكنت بلدان مثل اليابان وكوريا الجنوبية من تنمية أنظمتها الاقتصاديةوالحفاظ على ثقافتها المتميزة في ذات الوقت. وينطبق ذلك على التقدم الباهرالذي شاهده العالم الإسلامي من كوالالمبور إلى دبي لقد أثبتت المجتمعاتالإسلامية منذ قديم الزمان وفي عصرنا الحالي أنها تستطيع أن تتبوأ مركزالطليعة في الابتكار والتعليم.
وهذا أمر هام إذ لا يمكن أنتعتمد أية إستراتيجية للتنمية على الثروات المستخرجة من تحت الأرض ولايمكن إدامة التنمية مع وجود البطالة في أوساط الشباب، لقد استمتع عدد كبيرمن دول الخليج بالثراء المتولد عن النفط وتبدأ بعض هذه الدول الآنبالتركيز على قدر أعرض من التنمية ولكن علينا جميعا أن ندرك أن التعليموالابتكار سيكونان مفتاحا للثروة في القرن الواحد والعشرين إنني أؤكد علىذلك في بلدي كانت أمريكا في الماضي تركز اهتمامها على النفط والغاز في هذاالجزء من العالم ولكننا نسعى الآن للتعامل مع أمور تشمل أكثر من ذلك.
فيما يتعلق بالتعليم سوفنتوسع في برامج التبادل ونرفع من عدد المنح الدراسية مثل تلك التي أتتبوالدي إلى أمريكا وسوف نقوم في نفس الوقت بتشجيع عدد أكبر من الأمريكيينعلى الدراسة في المجتمعات الإسلامية وسوف نوفر للطلاب المسلمين الواعدينفرصا للتدريب في أمريكا وسوف نستثمر في سبل التعليم الإفتراضي للمعلمينوالتلاميذ في جميع أنحاء العالم عبر الفضاء الإلكتروني وسوف نستحدث شبكةإلكترونية جديدة لتمكين المراهقين والمراهقات في ولاية كنساس من الاتصالالمباشر مع نظرائهم في القاهرة.
وفيما يتعلق بالتنميةالاقتصادية سوف نستحدث هيئة جديدة من رجال الأعمال المتطوعين لتكوين شراكةمع نظرائهم في البلدان التي يشكل فيها المسلمون أغلبية السكان وسوف أستضيفمؤتمر قمة لأصحاب المشاريع المبتكرة هذا العام لتحديد كيفية تعميقالعلاقات بين الشخصيات القيادية في مجال العمل التجاري والمهني والمؤسساتوأصحاب المشاريع الابتكارية الاجتماعية في الولايات المتحدة وفي المجتمعاتالإسلامية في جميع أنحاء العالم.
وفيمايتعلق بالعلوم والتكنولوجيا، سوف نؤسس صندوقا ماليا جديدا لدعم التنميةوالتطور التكنولوجي في البلدان التي يشكل فيها المسلمون غالبية السكانوللمساهمة في نقل الأفكار إلى السوق حتي تستطيع هذه البلدان استحداث فرصللعمل وسوف نفتتح مراكز للتفوق العلمي في أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرقآسيا وسوف نعين موفدين علميين للتعاون في برامج من شأنها تطوير مصادرجديدة للطاقة واستحداث فرص خضراء للعمل لا تضر بالبيئة وسبل لترقيمالسجلات وتنظيف المياه وزراعة محاصيل جديدة.
واليوم أعلن عن جهود عالميةجديدة مع منظمة المؤتمر الإسلامي للقضاء على مرض شلل الأطفال وسوف نسعى منأجل توسيع الشراكة مع المجتمعات الإسلامية لتعزيز صحة الأطفال والأمهات.
يجب إنجاز جميع هذه الأمورعن طريق الشراكة إن الأمريكيين مستعدون للعمل مع المواطنين والحكومات ومعالمنظمات الأهلية والقيادات الدينية والشركات التجارية والمهنية فيالمجتمعات الإسلامية حول العالم من أجل مساعدة شعوبنا في مساعيهم الراميةلتحقيق حياة أفضل.
إن معالجة الأمور التيوصفتها لن تكون سهلة ولكننا نتحمل معا مسؤولية ضم صفوفنا والعمل معا نيابةعن العالم الذي نسعى من أجله وهو عالم لا يهدد فيه المتطرفون شعوبنا عالمتعود فيه القوات الأمريكية إلى ديارها عالم ينعم فيه الفلسطينيونوالإسرائليون بالأمان في دولة لكل منهم وعالم تستخدم فيه الطاقة النوويةلأغراض سلمية وعالم تعمل فيه الحكومات على خدمة المواطنين وعالم تحظى فيهحقوق جميع البشر بالاحترام. هذه هي مصالحنا المشتركة وهذا هو العالم الذينسعى من أجله والسبيل الوحيد لتحقيق هذا العالم هو العمل معا.
أعلم أن هناك الكثيرون منالمسلمين وغير المسلمين الذين تراودهم الشكوك حول قدرتنا على استهلال هذهالبداية وهناك البعض الذين يسعون إلى تأجيج نيران الفرقة والانقساموالوقوف في وجه تحقيق التقدم ويقترح البعض أن الجهود المبذولة في هذاالصدد غير مجدية ويقولون أن الاختلاف فيما بيننا أمر محتم وأن الحضاراتسوف تصطدم حتما وهناك الكثيرون كذلك الذين يتشككون ببساطة في إمكانيةتحقيق التغيير الحقيقي فالمخاوف كثيرة وانعدام الثقة كبير ولكننا لن نتقدمأبدا إلى الأمام إذا اخترنا التقيد بالماضي.
إن الفترة الزمنية التينعيش فيها جميعا مع بعضنا البعض في هذا العالم هي فترة قصيرة والسؤالالمطروح علينا هو هل سنركز اهتمامنا خلال هذه الفترة الزمنية على الأمورالتي تفرق بيننا أم سنلتزم بجهود مستديمة للوصول إلى موقف مشترك وتركيزاهتمامنا على المستقبل الذي نسعى إليه من أجل أبنائنا واحترام كرامة جميعالبشر.
هذه الأمور ليست أموراسهلة. إن خوض الحروب أسهل من إنهائها كما أن توجيه اللوم للآخرين أسهل منأن ننظر إلى ما يدور في أعماقنا كما أن ملاحظة الجوانب التي نختلف فيها معالآخرين أسهل من العثور على الجوانب المشتركة بيننا ولكل دين من الأديانقاعدة جوهرية تدعونا لأن نعامل الناس مثلما نريد منهم أن يعاملونا وتعلوهذه الحقيقة على البلدان والشعوب وهي عقيدة ليست بجديدة وهي ليست عقيدةالسود أو البيض أو السمر وليست هذه العقيدة مسيحية أو مسلمة أو يهودية هيعقيدة الإيمان الذي بدأت نبضاتها في مهد الحضارة والتي لا زالت تنبض اليومفي قلوب آلاف الملايين من البشر هي الإيمان
بالآخرين: الإيمان الذي أتى بي إلى هنا اليوم.
إننا نملك القدرة على تشكيلالعالم الذي نسعى من أجله ولكن يتطلب ذلك منا أن نتحلى بالشجاعة اللازمةلاستحداث هذه البداية الجديدة، آخذين بعين الاعتبار ما كتب في القرآنالكريم: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل تعارفوا."
ونقرأ في التلمود ما يلي:"إن الغرض من النص الكامل للتوراة هو تعزيز السلام." ويقول لنا الكتابالمقدس: "هنيئا لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يُدعونَ."
باستطاعة شعوب العالم أنتعيش معا في سلام. إننا نعلم أن هذه رؤية الرب وعلينا الآن أن نعمل علىالأرض لتحقيق هذه الرؤية. شكرا لكم والسلام عليكم". |